قد يتطلب الأمر منك الكثير لتحصل على لعبة فريدة وبقصة مثيرة للاهتمام، إن كنت راغبًا في البحث في القائمة الضخمة لألعاب المستقلين التي تعتمد على أسلوبٍ لعب بسيط لا يتضمن في الغالب التحرك في البيئة والتفاعل مع ما حولك فيها. إن كنّا نرغب بالحديث عن أسلوب اللعب، فإن What Remains of Edith Finch لا تختلف عن البقية، لكن هنالك ما يُميزها بلا شك.

– العودة لبيت العائلة

تبدأ أحداثُ اللعبة بعودة شخصية اللعب لبيتِ العائلة، بيت ضخمٍ من الخشب تُحيط به الخُضرة والأشجار، اللاعب يملك التحكم الكامل في شخصية Edith فتاة مراهقة، وهي أيضًا آخر من تبقى من عائلة آل Finch. شخصيةِ اللعب ستُحاول التنقل بين مختلف أقسام وغرف البيت لمُحاولة فهم ما دار فيها، ولما هي آخر من تبقى من عائلتها، وأي لعنةٍ أحاطت بالعائلة لكيلا تبقي أحدًا حيًا غيرها.

– اللعب

اللعبة لا تخرج عن دائرة ألعاب محاكات المشي، فالتحكم فيها مُقتصر على التحرك بشكلٍ بطيء والتفاعل مع ما يُوجد في اللعبة، طبعًا كل شيء يجري من منظور الشخص الأول، واللعبة تستفيد بشكلٍ كبير من ذلك لغمس اللعب في عالمٍ ملون ومنوع، كل غرفة فيه هي عالم مختلف في حد ذاته.

تفاعل اللاعب مع البيئة سهل، هنالك زر واحد لذلك، وما على اللاعب سوى الوصول للشيء الذي أثار اهتمامه لكي يتفاعل معها، فإمّا أن يحصل على تعليقٍ ما من شخصية اللعب، أو تستخدم الشخصية هذا الشيء، كأن تدير المفتاح أو تفتح كتابًا وهكذا. تُحافظ اللعبة على هذا الأمر من البداية إلى نهايتها، لكن هنالك اختلاف كبير جعلها تتفرد، وقد تكون واحدة من أفضل ألعاب النوع، إذا أنها تتخلص من أكثر من مشكلٍ يعيب هذه النوعية من الألعاب.

التحكم يظل سهلا وبسيطًا، والمطور اختار طريقة مختلفة جدًا لعرض تنوعٍ كبير في لعبته، فالعالم هو ما يجعل ما تقوم به مُختلفًا، فعصا الأنالوج التي تُحرك اللاعب قد تكون أحيانًا الطريقة لإدارة مفتاح في الباب أو بها تتأرجح إن كنت جالسًا في واحدةٍ من المشاهدة على أرجوحة، ففي حين اكتفت بعض الألعاب بالتحرك في البيئة وقراءة الوثائق ومحاولة فهم القصة، هذه اللعبة لا تكف عن تغيير العالم، فتُصبح وكأنها لعبة مختلفة بنفس التحكم وتقضي على الملل.

لا يُمكن أن نعيب أسلوب اللعب بشيء، ربما يشعر بعض اللاعبين أن حركة الشخصية بطيئة جدًا، لكن البيئات صغيرة في الغالب، محدودة ويعتمد فيها اللاعب على الملاحظة لإيجاد الأشياء التي يحتاج لأن يتفاعل معها.

– أساسيات اللعب

ما يجعل اللعبة مختلفة هو كما ذكرنا تغير العالم، ففي البداية ستبدو كأي لعبة منظور أول تعتمد على القصة، لكن بالوصول لأول غرفة ستعود بك اللعبة لذكريات ما عاش في الغرفة، ستعيش دوره، ستتحكم فيه، وستقوم بنشاطٍ مختلف عمّا كنت تفعله وأنت تتحكم بشخصية اللعب الرئيسية، اللعبة بذلك تنقلك بين أماكن مختلفة، بعضها خيالي بالكامل، في أزمنة مختلفة، بشخصياتٍ مختلفة، مُعززة بذلك بطريقة لعبٍ مختلفة، لا أريد أن أحرق شيئا منها، لكنني قادر على إعطاء أمثلة بسيطة، فقد تجد نفسك تتحكم بطائرة ورقية، أو تُصوب باتجاه غزال.

المثير أيضًا أن اللعبة تخلصت من الطريقة التقليدية لاكتشاف القصة، لا يُوجد مثلًا وثائق لقراءتها، بل إن الشخصية هي من يسرد كل شيء، وأي شيء تتفاعلون معه سيكون مُرافقا بتعليقٍ من شخصية اللعب، هنالك أيضًا تلك الجمل التي تطير في السماء وتتكون، عبارة عن إضافة فنية، لكنها أيضًا طريقة لتُريكم إلى أين تتجهون.

اللعبة خطية، ومسار القصة واحد، فيها بعض الألغاز المختلفة، تبقى سهلة ومنطقية، واللعبة قائمة بشكلٍ كبير على التفاعل مع الأشياء وحسب، وسيستمر اللعب في التنقل بين بيت العائل والغرف التي فيها بشكلٍ متسلسل، وبعدها عيش تجربة خاصة بواحدٍ من أفراد عائلة آل  Finchوصولا للنهاية، ذلك سيتطلب منه قرابة الثلاثة ساعات، عمر قصير لكنه بلا شك راجع للمجهود المستثمر في تصميم كل شيء والعوالم بكل ما فيها من تنوع.

– عوالم مُتعددة

من الغابة التي تبدأ فيها الأحداث، إلى البيت الذي تدخلونه، لتصميم الغرف فيه، التي تختلف بشكلٍ كبير جدًا الواحدة عن الآخرى وتعكس شخصية من يعيش فيها، للعوالم الغريبة والخيالية التي ينتقل إليها اللاعب، اختارت اللعبة أسلوبًا فنيًا واقعيا عجائبيا، فالشخصيات تبدو حقيقية ملموسة، الأم والجدة والأبناء وغيرهم، لكن تصميم المنزل يضفي على كل شيء لمسة فنية تجعل القصة خيالية.

عزز هذا الجانب الألوان المختارة، الرسومات تميل للوحة زيتية واقعية، مع ألوانٍ كرتونية بعض الشيء. اللعبة ليست مبهرة تقنيًا، لكنها فيها قدر ضخم من التفاصيل، الغرف مليئة بالأشياء التي يُمكن للاعب التفاعل معها، وآخرى وُضعت هنا لإعطاء كل غرفة هوية، نحن بعيدون جدًا من الألعاب التي تضع سريرًا وبعض الأباجورات ولعبًا ملقاة على الأرض، هنا، يسهل عد أكثر من عشرين شيئا مختلفًا يُوجد في غرفة دون غيرها، وحتى السقف والنوافذ والأرضية وورق الجدران تتغير من مكانٍ لآخر.

أثناء اللعب ستُرافقك موسيقى هادئة، جميلة، ربما لا تحتوي على أي مقطعٍ موسيقي أيقوني، إلا أنها تنغمس بشكلٍ رائع مع العالم، إيقاعها بطيء، وبما أن إيقاع اللعبة العام بطيء، فالانسجام بينهما حاضر.


المميز في اللعبة

التنوع في الأماكن والتفاعل مع ما يُوجد في غرفة كل فرد من العائلة – بساطة اللعب والاستفادة من العالم لاستخدام نفس التحكم بشكلٍ مختلف في كل مرة – الخروج عن المألوف والغوص في عالمٍ خيالي وبعض الذكريات الواقعية.

+ ميزات:

تحكم بسيط وسهولة الاعتياد عليه – عالم مليء بالتفاصيل – الأداء الصوتي للشخصية بدل قراءة الوثائق والمذكرات.

– عيوب:

قد يكون التحكم بطيئا للبعض – عمر قصير.

– رأي نهائي:

لعبة ممتعة تُخبرنا أنه بالإمكان أن نحصل على لعبة مميزة بتحكمٍ بسيط، وأنه بالإمكان إبهار اللاعب حتى بلعبة تعتمد في الغالب على المشي فقط، إن كانت لك تجارب آخرى مع ألعابٍ شبيهة، فهذه تُعتبر واحدةٍ من أفضلها، تجربة لا بد أن تخوضها وتستمتع بها على مهل.


 

‫‫ شاركها‬
اشترك
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتاً
Inline Feedbacks
View all comments