أردتُ أن أفتتح المراجعة بسؤال: هل يتذكر أحدكم Remember Me، هل يتذكر أحد متى لعبها؟ إن لعبها أصلًا أو فكر في ذلك؟ لكني شخصيات أتذكرها جيدًا بل أتذكر وقتما تسرب الاسم ولم نحصل على شيء غيره، وقد لعبتها بعد مدة من تاريخ إصدارها أول مرة، لذا أنا أتذكرها بلا شك وأتذكر انطباعات اللاعبين عن أسلوب القتال تحديدًا، ومع ذلك، نسيتُ كيف أنَ اللعبة فيها محاسنٌ تجعل الساعات التي أمضيتُ معها ممتعة، منها تفنن المطورين في الجوانب الفنية منها.

لا شك أن مشروع اللعبة واحد من تلك المشاريع التي إنْ سمعت بفكرته تقول: هذا واحد من تلك الأفكار التي لا يمكن أن تخرج من ناشر ولكن من مطور ألعاب. في مستقبل قريب، وصلت البشرية لحدٍ من التطور يسمح لها بتبادل الذكريات وبيعها والتحكم في جزء منها، نيلين/Nilin شخصية اللعبة واحدة ممن يُدعون بصيّادي الذكريات، نيلين تقع ضحية ما كانت جزءًا منه ويستقبلها اللاعب ضعيفة دُون ذاكرة، وبمساعدة بعض  الشخصيات الأخرى تتمكن من الهرب من Memorize، منظمة تتحكم في الذكريات وعليها محاولة وقف حُمق من يستغلون هذه القدرة وإعادة ذاكرتها.

بعد قصّة كهذه، كُل شيء في اللعبة يحمل القليل من حمضها النووي، تصميم العالم والأحداث وقدرات اللاعب متصلة بالذكريات ووظيفة نيلين السابقة، وحتّى إنْ لم تكن القصة أفضل ما تتبع وكثيرٌ من أجزاء أحجيتها ليست أكثر من حوارات تسمعها وأنت تنتقل بين الأهداف، فإنّها تُعوض الكثير بتقديم بعض الأفكار بشكلٍ صحيح، محدودٍ في الغالب، لكنّه يعمل.

🎮 اللعبة متوفرة على Steam وهي النسخة التي لعبت، تجدها كذلك على الـPS3 والـXbox 360 دون إصدار للأجهزة الحديثة والنسخ الأصلية هي الطريقة الوحيدة للعبها حتى تاريخ كتابة المقال.

يسهل وصف اللعبة، Remember Me لعبة مغامرات حركية تعتمُد القتالات والتنقل عبر المنصات، كل شيء فيها مبني بطريقة ينقلك عبر المنصّات للقتال، ومن قتال لقتال وبعدها للمزيد من المنصات، بشكلٍ يُقلل التكرار الذي يُعانيه (أيْ القتال).

🎮

لكمة لكمة ركلة لكمة

مُحدود وفيه ابتكار، هكذا أصف أسلوب اللعب، القتال يعتمد على الضربات المُتتالية (Combos) فكرته بسيطة، ولعلّ البساطة أكلت جزءًا من تفرد القتالات وحدّته ألّا يكونَ ممتازًا، لأشرح: عندك قائمة من الضربات المتتالية تُطلقها من خلال زري (و) وعندك سلسلة لهذه الضربات، على السلسلة تضع الضربات بالشكل الذي يُناسبك لكن في حُدود ما تُقدم لك اللعبة، كل الضربات تدخل ضمن 3 أقسام، إمّا أنّها تُسبب ضررًا كبيرًا أو تستعيد من خلالها الحياة أو تنقص من الوقت الذي تنتظره لتعبئة عدادِ القدرات الخاصة عندك.

مثلًا، عندك ضربة تقفز فيها شخصيتك وتضرب العدو وهي ضربة عندها خاصية استعادة الطاقة تُطلقها بزر ، وعندك ضربة بنفس الزر لكنّها لكمة قوّية وبالتالي خاصيتها أنّها تحدث ضررًا كبيرا. ضمن سلسلة الضربات التي تقدمها لك اللعبة، يُمكنك إضافة ضربة بزر حيثُ تطلب منك اللعبة، لكن أي ضربة ستختار يعود لك، هذا يعني أنّه عندما تصل الضربة أثناء القتال ستُفعل خاصيتها كذلك، ترتيب الأزرار في سلسلة الكومبو مُحدد مسبقًا، مثلا ، غير المُحدد هو خصائص الضربات التي تختار.

نظام جيد، تُجبرك اللعبة عليه، إن لعبتَ بعشوائية أمضيت وقتًا أطول في قتال الأعداء، وإن اخترت ألّا تستخدمها، فلن تجد طريقة أخرى لاستعادة الحياة (هناك استثناء لكنه ليس القاعدة) هذا بعيدًا عن بعض الأعداء الذين عليك مُجبرا مجددا قتالهم باستخدام هجمات معينة أو قتالات زعماء تتطلب منك تعبئة قدراتك الخاصة سريعًا، المشكلة في هذا النظام أنّه مُكرر، لا يمكنك أن تبني نظام قتالٍ كامل عليه وتعطي اللاعب في البداية سلسلة هجمات واحدة وبعدها سلسلتين، ولا يرتفع هذا العدد كثيرًا وأنت قريب من النهاية، طبعًا عليك أن تحفظ تسلسل الأزرار، لذا قد تكون هذه إيجابية كذلك، إلّا أن القتال بنفسه مُكرر بسبب تشابه الأعداء وتوقيت ضرباتهم رغم محاولاتٍ لتنويعه وأنت تتقدم.

حصلت اللعبة على محتوى قابل للتنزيل Combo Lab يُضيف المزيد من الضربات مستوحاة من شخصيات Street Fighter لكنه لا يستحق بالنظر لسعره ونوهية الضربات.

عندما تقاتل، سيهجم عليك الأعداء وأنت في سلسلة ضرباتك، وعليك أن تتفادى وإلّا كسرتها، اللعبة تتفهم ذلك وتحتفظ بسلسلتك بشرط أن تواصلها فور ما تنهي تفاديك، وأن تفعل ذلك في اتجاه العدو لا بعيدًا عنه، نيلين تتشقلب وعندها ضربات استعراضية، عندك شخصية حركية وحيوية للغاية، لذا القتالات على الأقل تبدو ممتعة إلى حدٍ ما، لكن القتالات محدودة بسبب نظام التسلسل هذا.

بعيدًا عن القتال، من أفكار اللعبة الإبداعية أنّك تدخل أحيانًا وسط دماغ الشخصيات لتغيير ذكرياتهم، هذا يُغير تصرفاتهم في الواقع، نيلين ستستخدم قدرتها هذه، اللاعب سيكون جزءًا منها حيثُ تدخل مشهدًا عليك الوصول فيه لهدفٍ معين، لنقل أن تخلط ذكريات شخصية لتجعلها تتذكر أنّها قتلت شخصية ما، لفعل ذلك عليك التلاعب بالمشهد بتغيير أماكن ما في البيئة، تقطع سلكًا مثلا، تسبب عطلًا، الأمر خطي لكن المشهد يتحرك أمامك وعندك قدرة على العودة للخلف وتجربة أكثر من حلٍ حتّى تصل الهدف، اللعبة لا تقدم الكثير من مشاهد اللعب هذه لكنها مميزة وتُحسب للعبة.

🎮

نيو باريس 2084 

مظهرُ اللعبة متوسط، تصميم الشخصيات يبدو بلاستيكيًا في الغالب، هناك مقدارٌ ممتاز من التفاصيل فيها وفي أزيائها وذلك كافٍ ليجعل مظهر اللعبة العام مقبولًا، لكن نقطة تفوق اللعبة أنّها جميلة فنّيًا، مظهر نيو باريس رائع، اللعبة تمتلك كاميرا حرّة لكنها تستخدم كاميرا ثابتة كذلك، رؤية برج إيفل مضاء وأنت تصعد على الشرف وتتشبث بالحواف يبدو ساحرًا للغاية، خاصة عندما تتلاعب اللعبة بالكاميرا لتصنع لك أجواءً استثنائية.

اللعبة خطّية طبعًا، مسارات اللعب فيها صغيرة جدًا تحتوي الشخصية فقط، وأفضل ذلك في الحقيقة على أن تتوسع اللعبة بشكلٍ يجعل كل رواق وطريق خاويًا رغم أنّها تدخل أحيانًا غرفًا ومناطقًا صغيرة وتُشعرك بالاختناق وسطها لهذا السبب، اللعبة غنيّة بالتفاصيل إلى حدٍ كبير، الآلات والشخصيات البشرية غير القابلة للعب تملؤ الأماكن حسب تخصصاتها، الآلات البشرية (الروبوت والأندرويد) تُنجز المهام اليومية من تنظيف وري للزرع وحملٍ للبضائع وعزف على البيانو وغيرها، والروبوتات الصغيرة تمسح الأرضية أو تعرض الإعلانات… تصميم المدينة جميل، مبني على الواقع، لكنها مدينة مستقبلية، التلاقح بين الأمرين يُقدم توجهًا فنيًا ممتازًا ويُعتبر من أكبر حسنات اللعبة.

تتميزُ اللعبة بإضاءتها كذلك، سواء إضاءة الأجسام في الخلفية أو الأنوار الاصطناعية أو الإضاءة الطبيعية للشمس، استخدام الإضاءة ممتاز، يضيء ليس فقط ما حولك لكن يضيء شخصيتك، عادة يعمل مطورو الألعاب على إضاءة الشخصية بوضع إضاءة خفية فوقها ليسهل عليك تمييزها في الأماكن المعتمة، لا أعلم إن كان الأمر مطبقًا هنا، لكن طريقة بناء المراحل لتستفيد من إضاءة طبيعية تجعل بعض المناطق في المرحلة معتمة وبالتالي تغيير الانعكاسات على شخصيتك والشخصيات في العالم يجعل الإضاءة تُساعد وبشكلٍ كبير في بناء التوجه الفني للعالم.

🎮

أوركسترا المستقل 

ليس بالأداء المُذهل، لكن بسبب الأجواء، وجدتُ أنه من المقبول أن ألعب اللعبة بدبلجة فرنسية، هناك تفاوت بين أداء الشخصيات وبعض الحوارات لا تتناسق وحركة الشفاه، تجربة اللعبة بهذا الشكل تُساعد على الانغماس، ليس بالأمر الضروري فالتغيير ليس لأنّ الأداء الإنجليزي سيء، ولكنه يُؤثر إن كانت الشخصيات فرنسية، الدبلجة تُترجم بعض الأسماء ونطقها يختلف كذلك لذا خُذ ذلك بعين الاعتبار.

موسيقيًا لا تخجل اللعبة من عرض معزوفات تبدو تجريبية، الأوركسترا تمزج بين الآلات الموسيقية لكنّها مُعدلة بشكلٍ يضيف إليها مؤثرات صوتية مستقبلية وإيقاعات إلكترو، ليست مؤثرات عصرية، ولكن مؤثرات صوتية كالتي تُحدث آلة إلكترونية مثلًا إن علقت أو نظام رقمي إن تعطّل، أحيانًا يشتغل لحنٌ شبيه بما تسمع في أفلام الخيال العلمي وخاصة تلك التي تحتوي كائنات فضائية، اللعبة كما ذكرت لا تخجل من عرض معزوفات تبدو تجريبية، وهذا يجعلها مميزة كذلك.

اللعبة تتفوق حقا بتوجهها الفني، وجيد كيف أنّ التوجه الفني الرسومي الذي يغطي على مظهرها التقني، لا يُفسده توجه اعتيادي للموسيقى.

تعرف ما يزيد انغماسك في نيو باريس؟ الصوتيات، عالم اللعب حيّ حقا، هناك دائمًا طبقة صوتيات إضافية تُشعرك أنّك تتحرك في عالمٍ حي، جودة الصوتيات جيدة، إنْ كنت فضوليا وتحب أن تتوقف لتراقب حركات الآليين والأشخاص وتسمع محادثات الشخصيات وعروض الإعلانات وما إلى ذلك، فاللعبة تقدم لك ما يُبقيك مشغولًا.

خطيّة اللعبة لم تمنعها أن تصل ⏱️ 10 ساعات من اللعب، القتالات رُبما تأخذ الحيز الكبير منه لبطئها، يُمكنك أن تصل ساعات لعب أعلى بقليل إن جمعت ما في العالم من محتويات قابلة للتجميع، جمّعت بعضها، عندك أجزاء من الذاكرة (Mnesist Memories) هدفها إغناء القصة والعالم، بقية العناصر القابلة للتجميع تزيد من حجم عدّادي الحياة والتركيز عندك، وإنْ كنت محبًا للجوائز، فتجميع Scaramechs موجودة لذلك وعليك جمعها كاملة (تُشبه الحشرات) لتحصل على المكافأة المتعلقة بها.

نهاية اللعبة تُشعرك بانتهاء العقدة بشكلٍ جيد، وفيها انفراجٌ جيد للأحداث، كما أنّ طولها معقول والقتالات فيها تصاعدية، بداية اللعبة ونهايتها تنقلك من شخص لا يعرف ما الذي يحصل لشخص يجمع كل قطع الأحجية ليعرف من هي الشخصية وكل ما يحيط بها، Remember Me بها نواقص كثيرة، لكنّها لم تخجل إطلاقًا من تقديم شيء جديد ومختلف، فحتّى نظام القتال المُكرر يفي بالغرض ويعمل كما يجب ولهذا أعتبرها وكثير من اللاعبين من الجواهر المخفية وتستحق بلا شك أن نتذكرها كذلك.

‫‫ شاركها‬
اشترك
نبّهني عن
guest
0 Comments
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتاً
Inline Feedbacks
View all comments