بالنسبة لعملٍ لا يعتمد إطلاقًا على الحوارات، فثنائيٍ مكون من رجل بدائي وديناصورٍ لاحم، هو أفضل ثُنائي يُمكن أن يُشعر المشاهد بأنه لم يَضِع شيء من العمل بسبب افتقاره للحوارات، لكن ذلك ليس الأمر الوحيد الذي يُميز Primal.

كيف وصلنا لأحداث القصة من الأساس؟ ديناصور ورجل بدائي بحربة؟ كلاهما يخسران نفس المواجهة ضد ديناصورات مفترسة، ينجوان، إلّا أن عائلتيهما لا تفعلان، وفي حالة من اليأس والاستسلام، ودون أن يبدو ذلك قرارًا، تُصبح شخصيتان مختلفتين بشكلٍ تام، رفيقين في رحلة مليئة في كل جزء منها بمخاطر كبيرة.

Primal عمل مختلف، لا تُوجد حوارات على الإطلاق، إلّا إن اعتبرنا الصراخ والصيَاح وأصوات الحيوانات جزءًا منها، إذ أنها بالإضافة لحركة الوجوه والأجساد، تمثل الطريقة التي تتواصل بها الشخصيات، لكنها طريقة تُعوض الحوارات بالنسبة للمُشاهد، قراءة لغة الجسد والوجه، تكون سهلة للغاية، خاصة بتركيز الرسامين عليها، وحتّى دون تركيز، سيسهل على المشاهد معرفة المواقف التي تبدو طبيعية لرجلٍ بدائي وديناصور مفترس، وبين ما يبدو غريبًا وغير متوقع.

المسلسل غير بخيل بخصوص مشاهد الحركة، والقصة فيه تسير بنمطٍ سيصبح سريعًا اعتياديًا عند المشاهد، بناء الحلقات يسير على نحوين في الغالب، إمّا لحظة هدوء طويلة، تتحرك فيها الشخصيتان، تستدفآن، تأكلان وتنامان، وأثناء ذلك، يتم بناء عقدة الحلقة، تهديد خفي لا يعرف المشاهد نوعه، أو أنه يعرفه دون أن تلتقي به الشخصيتان، فيعلم المشاهد نوع التهديد وينتظر بشوق تفاعلهما معه.

أو على نحوٍ مختلف للغاية، من البداية، الشخصيتان وسط مشكلة جديدة، ينجوان منها، وبعد ذلك يستريحان ويعودان لمُواجهة التهديد وإنهائه. لحظات الاستراحة هذه تُساعد على بناء القصة وتحديدًا علاقة الشخصيتين، أمّا المواجهات، فمختلفة للغاية، لكنها حركية جدًا، غيرُ بخيلة من حيثُ التفاصيل، المشاهد دومية، الدماء والأحشاء والأجساد الي تُقطع بالأنياب، مشاهد اعتيادية في كل قتال، لكن حلبة القتال ونوع التهديد وكذا التوجه الفني، يجعل كل شيء مختلفًا للغاية.

بالحديث عن ذلك، توجه العمل الفني والرسومي مُذهل، ربما هذا من الأعمال القليلة التي تبدو مختلفة للغاية من حيثُ التوجه الفني لكلِ حلقة، التوجه الرسومي واحد طبعًا، لكن البيئة التي تصل إليها الشخصيتان، ونوع التهديد، يجعل الألوان مختلفة، ولعلّ هذا من أفلام الرسوم القليلة التي تعتمد على الإضاءة بشكلٍ كبير، وربما لم يسبق أن رأيتُ شيئًا مماثلًا في أي عملٍ ثنائي الأبعاد برسمٍ يدوي.

تتشكل حلقات العمل من قصة جديدة في كل حلقة، وهي عبارة عن تهديدٍ جديد، ديناصورٍ جديد أو شيء مختلفٍ عن ذلك، العمل يتخطى الواقع بكثير، لكن يُحاول أن يفسر بشكلٍ ما كل المشاهد حتّى الغريبة منها، لكنه ليس عملًا واقعيا من حيثُ الفكرة، ليس أنني أبحثُ عن الواقعية في فيلم رسومٍ متحركة يركب فيها رجل بدائي وحربته على ظهر ديناصور، لكن القصد أن الكائنات في عالم الرسوم ليست كُلها واقعية، لا من حيثُ الشكل ولا من حيثُ طريقة المواجهة.

كأعمالٍ كثيرةٍ كهذه، جودة الحلقات مختلفة جدًا، وربما الحلقات التي كانت أدنى من غيرها، كانت حلقاتٍ حاولت التركيز أكثر على فترات الهدوء، إلّا أن طول الحلقات لا يجعلها غالبًا مملة، هي فقط حلقات أدنى من غيرها، وبما أن كل حلقة عبارة عن تهديد جديد وكذلك توجهٍ فني وبيئة جديدة، فلا تؤثر الحلقات على بعضها إلّا قليلًا، وهذه أيضًا من نقاط قوة العمل، رغم أنه لا يبدو أن هناك قصة تسير ناحيتها الأحداث، إلّا أن العمل عبارة عن مغامرة.

‫‫ شاركها‬
اشترك
نبّهني عن
guest
0 Comments
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتاً
Inline Feedbacks
View all comments