تمنيتُ أن أكتب، كيف هي Gears of War دُون Marcus Fenix، لكنْ لم تعطني اللعبة هذا الحق، ماركوس موجود، وحمل على أكتافه أكثر من درعه، حمل معه جزءًا كبيرًا من الأداء في اللعبة، تعلقي بشخصيات الثلاثية قد يكون بسبب النوستالجيا، لكن الكتابة في هذا الجزء فيها عيوبٌ سببّتها كتابة شخصيتين رئيسيتين من أصل 3، بنفس الشكل.
Marcus Fenix هو الوصلة بين الثلاثية الأولى وهذا الجزء، اللعبة تُكمل الأحداث 25 سنة بعد نهاية الثالث، هذا الجزء ليس مُكمّلًا للأحداث (أي لا يُساعد على فهم الناقص منها) بل مُتمم لها (أي يُكمل على نفس الأحداث من حيثُ انتهت) ما يعني أنه يزيد عليها لكن لا تحتاجُ لمعرفة الكثير عن الثلاثية لفهم أحداثه، أهداف الشخصيات مُتعلقة بهذا الجزء، وكثيرًا ما شعرتُ أن اللعبة تعجز عن إيجاد أهدافٍ حقيقية للشخصيات، أو أنّ المحرك لهذه الأهداف، أضعف بكثير من أن تتحمل الأحداث كما تحصل أو تُظهر حجم التهديد الذي تُواجهه الشخصيات، خاصة بعد هزيمة أعداء Locust في الأجزاء الماضية.
إن أردت أن تسير بسرعة اذهب وحدك، وإن أردت أن تصل بعيدًا فاذهب مصحوبًا. مجهول – تذكرها اللعبة كاقتباس
أنت JD Fenix، ابن شخصية Marcus Fenix، جُندي سابق لـCOG (السلطة الحاكمة لكوكب Sera) ورفقة Del Walker وKait Diaz، متهمون بعد مهمة لسلب جهاز المُصنّع “Fabricator” الذي يصنع الأسلحة، باختطاف الناس، ما يوقع الفرقة في مأزق مع قوات COG، المشكلة أنّ هذا ليس التهديد الوحيد، إذ يُواجهون لاحقًا نوعًا جديدًا من الأعداء، وللوصول لحدٍ لكل هذا، يلجأ الفريق لـMarcus Fenix، القصة رغم أنّها تُحاول البناء على أحداث الثالث تبقى منعزلة عنها كثيرًا، لا تُذكرك بالأجزاء السابقة إلّا بحوارات متفرقة لشخصية Marcus، وتعجز عن بناء الغموض بشكلٍ مثير لوضوحِ الأهداف من البداية، ذلك ليس سيئًا، لكنه يضيع وسط كومة من النكت والأحداث التي تبدو هزلية، بسبب كتابة شخصيتي JD وDel بشكلٍ متقارب، ما يلغي جدية الكثير من الأحداث والأهداف التي حاول المُطور تقديمها بشكلٍ أفضل.
يصعب عليّ حقًا تذكر أسلوب لعب الثلاثية لأقارن بينه وبين هذا، لكن أتذكر أنَ اللعب شبيه، إلى درجة لا أرى أي تغيير جذري، تعتمد اللعبة بشكلٍ كامل على إطلاق النار والاحتماء، كلاهما سلسان باستجابة سريعة، تحتمي وتُصوب من مكانك لإصابة الأعداء، اللعبة تُنَحِي أي وقتٍ للتفكير في الخطوة التالية إذا ما كان الأعداء يرمونك بالرصاص، زر واحد () إذا ضغطته ترتمي في الاتجاه الذي تحرك فيه الشخصية، إذا واصلت الضغط تجري مُنحيًا، وإن ضغطته قريبًا من نقطة احتماء كجدار تلتصق به، أعد ضغطه وأنت تُشير حيثُ ستتحرك وستقفز من فوقه أو تتحرك في اتجاه نقطة أخرى وأنت محتمٍ، هذا النظام يجعل تفاعلك مع الشخصية سريعًا، ويدك على زرٍ واحد وأنت تواجه الأعداء.
تحرّك واقتل، تحرّك وكرر
لا تصنع لك اللعبة تحدياتٍ بتعقيد اللعب، ما دُون الشخصيات التي تحمي ضهرك وتحميها، أي شيء يتحرك هو هدف، المواجهات تصنع التحدي في اللعبة، مساحات اللعب واسعة وتحتاجُ لتحركٍ مستمر واحتماء عند كل خُطوة، بناء المواجهات مُباشر، يضعك دائمًا وسط ما يُشبه الحلبة، تقضي فيها على الأعداء لتنتقل لأخرى بعد مقطع سينمائي أو مقطع لعب خطي.
الأعداء يملكون غالبًا نفس مهاراتك، يحتمون كما تفعل، يتحركون من نقطة لأخرى، ويمكنهم إنهاؤك بضربة واحدة حتّى، كأنك في مواجهة لاعب أخر، تُشجعك اللعبة على الاستفادة من اتساع منطقة القتال للالتفاف على الأعداء، المشكلة أن التفافًا ناجحًا غالبًا يُفسده ذكاء الرفقاء الاصطناعي، وجدتُ أنه نادرًا ما تعمل خطتي بشكلٍ صحيح بما أن واحدًا من الرفقاء أو كلهم يلحقونني كالظل، أمر جيد إذا ما أجهز عليّ العدو لأنَ رفيقك قادر على مساعدتك للعودة للقتال، شيء يفعله الأعداء كذلك، ويُمكنك إن وقّت الرمي، أن تنتظر عدوًا حتى يكشف نفسه لينقذ رفيقه لتُطيح به أيضًا.
عند مواجهة الأعداء، حتّى على طور صعوبة متوسط، ستُرغم كثيرًا على تبديل مكان احتمائك، على التحرك، نوعية الأعداء تختلف، بعضهم أعزل يهجم مباشرة عليك، ضعيف، لكنه يضرب عن قرب وسيخرجك من وضعية الاحتماء لتكون هدفًا للآخرين، بعضه الأعداء يحملون أسلحة مُدمرة، متفجرات وأسلحة رشاشة كبيرة، هؤلاء قادرون على قتلك بسهولة إن أظهرت نفسك إليهم، ودُون عناء إن ألصقت ظهرك بما يحميه، يُمكنك توظيف نفس خطط القتال وبنفس الأسلحة عندما تحصل عليها من الأعداء، من مبدئ تذوق القليل من سمّك يا خشن الجلدة 😎.
الأسلحة التي تستخدم فيها الرشاش الذي أدمج به المنشار، العلامة الشهيرة في السلسلة، وأسلحة تقليدية أخرى، أمّا الأسلحة القوية ففيها سلاح القنص وبندقية حرب ثقيلة تضرب مرتين وأسلحة تطلق سهامًا تنفجر وهكذا، ترسانة الأسلحة ليست كبيرة، والذخيرة للقوية منها نادرة، دائمًا ما عليك جمعها من الأعداء، صناديق الذخيرة لا تملأ سوى نوعية مُعينة منها، جاء هذا الاختيار للحفاظ على التوازن أثناء القتالات، بما أنّك رفقة شخصيتين على الأقل وأربعة أحيانًا، لا بد من إمالة الكفة للعدو قليلًا بتزويده بأسلحة تلحق ضررًا كبيرا، لتُرغم على تبديل مكانك والاحتماء واللعب بحذر.
في محاولة لإضافة بعض التجديد، قد تعلق في مكانٍ واحد، تُواجه حينها عددًا أكبر من الأعداء على شكل أمواج بينهما ثوانٍ تتجهز فيها بوضع رشاشات ثابتة وحواجز تستخرجها بشكلٍ محدود من جهاز المُصنّع، شيء قريبٌ من ألعاب حماية القلاع/الأبراج (Tower defense) لا تُضيف هذه المراحل الكثير للعبة في الحقيقة، هي عذر لوضعك داخل قتالات أطول، بمرورٍ الوقت، بدأتُ أختصر هذه القتالات بوضع الرشاشات خلف الحواجز، ووجدتها طريقة أنجح للحفاظ على الرشاشات لوقتٍ أطول وطريقة أسهل لقتل الأعداء.
بعيدًا عن ذلك، بعضُ المراحل تعطيك استراحة مُختلفة من اللعب التقليدي، واحدة منها في الفصول الأولى دراجة نارية، قد لا تكون مثْلُ هذه المراحل كثيرة، لكنها تكسر الرتابة بما أنّ اللعبة لا تحتوي شيئًا غير الانتقال من نقطة لأخرى وقتل جيوشٍ كبيرة من الأعداء، وحديثًا عن التنوع، يضيف هذا الجزء أنواعًا جديدة من الأعداء، منها الآليون، وإن كان قتالهم واحدًا، فالتحرك في مساحة القتال ليس كذلك كما ذكرت سابقًا، كل عدوٍ يحتاجُ خطة مُعينة وطريقة مُختلفة لقتاله، حتّى إن كان قتال الآليين يُشبه لحدٍ كبير بقية الأعداء بما أنهم دُون قدرات خاصة مثلًا، لكن دُخولهم استعراضي، حيثُ يلقون عليك داخل كرات تهوي من الطائرات.
من البداية، تذيقك اللعبة القليل من مراحلها وسط العاصفة، ولو أنّني شعرت أن هذه المسألة لم تُستخدم ولم تُستغل بشكلٍ كافٍ، لكنها بالإضافة لكونها تعصف بتوجه اللعبة الفني وتجعل البيئات أحلك والتحرك أصعب، تُقدم معها فكرة جيدة، العاصفة تؤثر على حركتك ومسار القنابل، وقد تجد أيضًا بعض الأجسام في البيئة تكسرها لتنطلق بقوة في اتجاه الأعداء، قد تُبرق هذه العواصف كذلك، فتُجبر على التحرك بشكلٍ حذر بعيدًا عن خيوط البرق التي تضرب الأرض، اللعبة تطلب منك أن تحتمي وتنتقل من مكان لآخر، لكن حتّى إن جربت الاسراع ستمر في الغالب.
Gears of War كانت بها مسحة باهتة تُغطي الرسومات، هذا الجزء لا يملكها، الألوان أغمق، نوعية البيئات تجعلها مليئة بالألوان كذلك، مظهر اللعبة قد يبدو كرتونيًا أكبر لهذا السبب، حتى المراحل السوداوية تبدو مُلونة، لا أقصد أنها زاهية، مازالت اللعبة دموية، كل الأعداء ينفجرون لأشلاء، لكن العالم الخارجي الذي تتحرك فيه مليء بالنباتات، السماء مضيئة ليلًا، الانعكاسات والضوء المُنسل بين الأشجار والبنايات، هذا يُبرز القوة التقنية للعبة كذلك، استخدام الإضاءة والمؤثرات البصرية يجعل كل المشاهد مُذهلة.
إن لم تضعك اللعبة وسط الجدران، فستضعك خارجها، وحين تفعل، يُمكنك قضاء القليل من الوقت الذي تقضيه خارج القتالات لمُعاينة البيئة من حولك، اللعبة جميلة فنيًا، عمرانها ضخم وبيئاتها تُشعرك حتّى بخطيتها الكاملة أنك وسط عالم كبير، أهدافك قد تظهر على بعد النظر قبل أن تصلها، ما يُشعرك كلاعب بالتحرك رغم أنك تنتقل من رقعة قتالٍ لأخرى، المشاهد الفنية في اللعبة كثيرة، مظهر العواصف مبهر على المستويين الفني والتقني أيضًا، قد تلاحظ تفاوتًا فقط بين البيئة وتصميم مناطق القتال، بما أن المطورين مضطرون لإعطائك أماكنًا مختلفة للاحتماء، تُصرف غالبًا كمجموعة عشوائية من الأجسام في البيئة، بشكلٍ قد يؤثر كثيرا على المظهر الفني لكنه لازم كآلية لعب.
عاجز بشكلٍ كامل عن إيجاد مقطوعة مُفضلة في اللعبة، لا شيء مُتفرد فيها، كثيرٌ منها خاصة خلال القتالات يُشبه المعزوفات الحربية، كعادة السلسلة، فيها خلط بين عزفٍ نشطٍ، قد ينطلق بشكلٍ هادئ في البداية، وقد تشعر بلمسة رعبٍ تلائم كل هذا، لكن إن لاحظتُ شيئًا، فهو أنها كثيرًا ما تتحول لمعزوفة حربية مُتخلية عن أي شيء يُميزها، ولهذا السبب تحديدا عجزت عن إيجاد لحنٍ مُفضل.
⏱️ وصلت نهابة اللعبة في 9 ساعات، النهاية كما توقّعتها وكما أردتها كذلك، دُون مفاجآت من حيثُ القصة، لكن فيها تغيير مُرحب به كثيرًا في أسلوب اللعب، الساعات التسع التي قضيتُ مع اللعبة مُت فيها كثيرًا قبل أن أتأقلم مع أسلوب اللعب على طور صعوبة مُرتفع، ليس الأصعب، لكن ما دُونه (تحته) مستويا صعوبة، السهل جدًا والمتوسط، الصعوبة تُعطيك تحديًا كبيرًا وتُجبرك على الاستفادة من خصائص اللعب والاحتماء، والمُوت قد لا يكون لأنّك أخطأت، ولكن لأنّك وجدت نفسك في موقف مربك غلبك فيه الأعداء.
Gears of War 4 لعبة ممتازة، لن أقول أنّها تكملة ممتازة بما أنها تبدأ فصلًا جديدًا مازال مرتبطًا بالبقية، هي ممتازة كتجربة مستقلة، ولعلّ أكبر عيوبها بالنسبة لي كان الشخصيات وطريقة كتابة أهدافها، أمّا الأمر الآخر وهو تفضيل شخصي فقط، كُنت أحب لو أنّ اللعبة تستفيد من قوتها التقنية وجودتها الفنية لتدفع بجوانبها السوداوية أكثر، خاصة أنّ هناك محاولة كبيرة لوضع أهدافٍ إنسانية للشخصيات.