كنت واحدًا من أولائك الذين انبهروا بالتوجه الفني والواقعي لريبوت God Of War (2018)، لكنْ أحبطت كثيرا من قلة التنوع خاصة أثناء قتال الزعماء، وكانت أجزاء كثيرة من اللعبة مملة، ولو أنّها انتقلت كذلك لهذا الجزء، لكن تجربتي معه يغلب عليها الاستمتاع، وحتّى بتجاوزي 50 ساعة لعب، لم يكن للملل مكانٌ إلّا في أجزاءٍ منها.
تُذكرني اللعبة بالثالث، فهذا الجزء مفترض أن يغلق فصل الميثولوجيا النوردية، Ragnarok يفتح قصة النهاية والحرب الكبيرة التي ستُنهي كل شيء، لذا يُواصل بعد أحداث الأول رغم أنّ بدايته بطيئة نوعا وتُظهر كريتوس وأتريوس يبحثان عن السلام والهدوء، قبل أن يقادا بسب قدرهما المكتوب لدخول الحرب من جديد، قدر متوقع استعدا له كثيرا، وسيظهر أتريوس هنا في حالٍ مختلفة، أنضج وأقوى، وعكس الأول، بناءُ الشخصية هنا عندها متنفس أكبر، علاقته بكريتوس أكثر إثارة للاهتمام، وانتهت اللعبة وقد تعلقت بشخصيته بشكل أكبر، شيء ما كُنت لأقوله عنِ الأول.
بعد زيارة من ثور وبعدها أودن بنفسه لمنزل كريتوس للوصول لاتفاق يوقف القتال، تُصبح الأحداث أكثر إثارة للاهتمام، متعلقة بثنائي اللعب وماضيهما ومستقبلهما، بأودن وعائلته وهدفه الخفي، وكذلك نهاية كل شيء مع أحداث راغناروك. اللعبة تُعيد عددا من شخصيات الجزء الأول وتبني شخصياتهم وتزيد تعلق أتريتوس وكريتوس بهما، الكتابة هنا تحسنت بلا شك، لكن مشكلتها الرئيسية أنها أبطأ، هناك فصول لا تحرك الأحداث الرئيسية بل توقفها لتُركز على بناء الشخصيات.
هذا بلا شك يقدم معه قصة أقرب للشخصيات، كما حاولت اللعبة السابقة القيام به، لكن هنا على مستوى أعمق، طريقة تفاعل الشخصيتين مع بعضهما لم يعد المؤثر الوحيد، بل تفاعلهما مع الشخصيات في العالم تفعل، ما يزيد طبقة إضافية.
ملحمة راغناروك بلسانٍ عربي
مترجمة مُدبلجة، عُّربت اللعبة تعريبًا كاملا من قوائم الإعدادات للحوارات والأصوات، يُمكنك اختيارُ العربية للحوارات والقوائم والدبلجة الصوتية معًا، أو تكتفي بواحدة فقط، لعبتها شخصيا بالأصوات الأصلية لكن بترجمة عربية. جودة الترجمة جيدة، مفهومة بعيدة عن التكلف، لكن بها أخطاء في الصياغة ومواضع الهمزات وحتّى التنوين الصحيح، إنْ كنت تُدقق في أمورًا كهذه فتهيأ لتُقابلها بشكلٍ متكرر (نعمْ أخطأت في تنوين أمورٍ عُنوة لترى بنفسك إنْ كنت تُدقق).
ما تجد في اللعبة مشكل من قصائد وقصص وأوصاف، بالإضافة لما في اللعبة من تفصيل في وصف الكائنات التي تقاتلها والشخصيات التي تُقابلها، وأشعر أنّ الترجمة تُسهل فهم كل شيء، لكنها رغم ذلك توحد نمط الكتابة، فتصبح حتّى القصائد مثلا والقصص، شبيهة جدا ببعضها، وهذه شبيهة في الأسلوب بالأوصاف الموجّهة لك كلاعب.
جليد ونار
مُكمّلا عن الجزء الأول وما فيه، عند كريتوس الفأس والدرع وسيفا الكيوس (Blades of Chaos)، تُبدل بين السلاحين بشكلٍ حر بشكلٍ سريع وسط القتال، واحد جليدي والآخر ناري، واحد قريب المدى والآخر بعيد المدى، لكن يحمل السلاحان بعدًا استراتيجيا، الآن يُمكن للأعداء أن يعرضوا على التحدي العادي زيادة بسبب طبيعتهم، بعضُ الأعداء يمتلكون درعًا جليديا عليك حرقه قبل أن تُسبب لهم ضررًا، بعضهم ناريون والفأس يزيد ضررك عليهم.
يُمكن أن تهجم وتُقاتل بسلاحك المُفضل إن شئت، رغم أن زر التبديل (سهم اليمين واليسار) يجعل الانتقال بينهما سلسًا، لكن التبديل بينهما يمنح القتال طبقة إضافية تُنوع فيها هجماتك حسب الأعداء، فبعضهم يطلق هجمات يمكنك أنْ تقطعها برمية فأس أو دوران حارق من نصليك، ليس ذلك فقط، كل سلاح مُزود بهجمة ثانوية عندما تشحنه، وفوق الهجمة عندك قدرات خاصة، تُشعرك أنّه كلما غمست نفسك أكثر في القتال وتشخيصه، أنّه أعمق بكثير ممّا يبدو عليه.
ستمضي بعض الوقت في قوائم الأسلحة لتُحدثها، الدرع وأسلحة أتريوس تحتاجُ ذلك كذلك، فبالإضافة لشجرة تطوير قدراتك التي تفتح لك المزيد من الهجمات التي يختلف نفعها، عليك استبدال ضربة سلاحك الخاصة وتغيير قبضة السلاح لتغيير خصائصه، وعندك الترس الذي تصدّ به والدرع الذي تلبس، لذا لتحفظ كل ذلك وتعتاده، وبين بقية القوائم، اللعبة بلا شك تُواصل ما بناه الجزء السابق بتقديم طبقة إضافية شبيهة بما في ألعاب الأدوار.
اللعبة تختصر عليك بعض الأمور بإعطائك اختصارًا في كل مرة تعثر فيها على ما يُغير خصائص سلاحك لتُركبها مباشرة، كما تضع أمامك الزيادة في الهجوم أو الدفاع حسب ما أشّرت عليه، ولأكون صادقا، لطالما كانت هذه الخصائص زائدة فضَلت لو تم التخلي عنها، خاصة أنّها أحيانا -لإيقاف اللعب المستمر- تكسر إيقاع اللعب، لا شيء طبعًا يدعوك لإيقاف اللعب، لكنّك ستفعل ذلك بظهور ما جمّعت غالبا للقراءة عنه وقت تجميعه، لذا يزيد ذلك من بطء الإيقاع كثيرًا.
لعبة God of War Ragnarök مُشبعة ثقيلة التصميم، ستقرأ فيها كثيرا وستسمع فيها كثيرًا، لا أكاد أتذكر مرحلة فيها صمت، بل متأكد أنه لا توجد واحدة، وقد يتحول ذلك مع ضرورة تطوير أسلحتك وفتح اللعبة المزيد من الخصائص لتطوير شخصيتك بعيدا حتى عن الأسلحة والتروس والهجمات مع قدرات خاصة وتمائمٍ تختارها من قائمة اللعب، أو تطويرات في ورشة الحدادة، لعبئ تغرقك اللعبة به.
تحدٍ معقول وصعوبة مقبولة
على مستوى صعوبة متوسط، في اللعبة تحدٍ مقبول، خاصة في الساعات الأولى حيثُ ستشعر أنّ ضرباتك تؤدي المطلوب لكنّها محدودة القوّة، ما تتلقاه من ضرر كبير وشريط الحياة قصير، بعد ذلك يقل التحدي بامتلاك عدة وعتادٍ قويين، بسبب الكاميرا القريبة من اللاعب، يختفي بعض الأعداء خلفها لمباغتثك وأنت تُركز على العدو أمامك، يمكنك أن تطلق ضرباتك بشكل عشوائي أو تؤشر على عدو واحد، لكن كثيرا ما سيهجم عليك الأعداء من الخلف، إن فعلوا ذلك بضربات قوّية فستهلك سريعا، عندك دائما سهم يُشير لمصدر الضربة، لذا محال أنْ تُباغث وعندك قدرة على التراجع أو التدحرج أو الصد للتفادي، وحتّى إن حصل ذلك، أتريوس وميمر يُنبّهانك.
للأعداء هجمات مُختلفة، ضعيفة تُصد وتُرد، متوسطة تردها وقوّية خاصة تحتاج تفاديها، بعضُ هذه الهجمات لها خصائص مُعينة تزيد الضرر، كأن يلهبك الأعداء فتتأدي من عنصر النار، القتالات حركية للغاية والأعداء يهجمون من كل الزوايا ودفعة واحدة، أنْ تبقيهم في مرمى ضرباتك مهم، وستحتاج لاستخدام ما عندك من قدرات لإنهائهم بشكلٍ أفضل، خاصة إن جمعت لك اللعبة أعداء بهجمات مختلفة في نفس القتال.
مقطع لعب من الموقع الرسمي للعبة (هنا)
القتال ممتع وسلسل، ولا مرة شعرتُ بتأخر صدّ ضربة أو تفاديها، واللعبة تُقدم لك ما يكفي من قدرات بما فيها هجوم الغضب الذي يطلق هجوما انفجاريا تهجم به على الأعداء بقبضتيك، وكما ذكرت، كلما تقدمت تفتح المزيد من القدرات والهجمات وتطورها حتّى تُطلقها بشكلٍ يجعلها مفيدة جدًا عندما تشعر أن القتال غير عادل فتُميله لكفّتك.
تحتوي اللعبة عددًا من الزعماء والأعداء الاختياريين، إضافة لتحديات خاصة تواجه فيها عدوا يُمكنه إسقاطك بضربة أو ضربتين، هنا تختبر اللعبة أداءك ومهارتك بشكلٍ أكبر، وقد يحتاجُ منك الأمر أكثر من محاولة لإنهاء القتال، ستحصل بعدها على مكافأة، وكون هذه القتالات اختيارية تمامًا، يُمكنك تفاديها والعودة إليها بعدما تحصل على قدرات أفضل وترفع مستوى أسلحتك ودرعك، نظام القتال الذي يعتمد على الصد والرد والتفادي والتدحرج يصبح ممتعًا أكثر عندما تواجه الأعداء الصعاب وعندما يرتفع التحدي، لكن لا تستجعل وترفع الصعوبة لأنّك بذلك ترفعها حتّى للأعداء الاختياريين.
اللعبة تعرض تنوعًا أفضل بكثير من الجزء السابق، الأعداء مُنوعون حسب العوالم، بعضهم يستدعي مهارات مُعينة منك كلاعب، كأنْ تكون كل ضربات العدو غير قابلة للصد، أو تقاتله ومجموعة أعداء صغار، لذا الاعتياد على نظام القتال مهم هنا، مهم فقط أن تعرف أنه إن حذفت القتالات الاختيارية، فالتحدي في القتالات الأساسية قد لا يكون بتلك الصعوبة، لذا إن زدت الصعوبة للعب المسار الرئيسي قد لا يكون ذلك مؤثرا، أو العبها بصعوبة متوسطة إن أردت دخول القتالات الاختيارية.
🏹 Boy
يُشارك أتريوس اليافع القتال، ولو أنّه يستخدم السهام عن بعد، إلّا أنه يدخل أحيانا بسكينه، وقد يمسك لك عدوا لتُنهيه. نفعه لا يتوقف عند هذا الحد، ففي البيئة ما يعيق تقدّمك ولا يمكنك تجاوزه إلّا بسهام خاصة من أتريوس، ولأنّ بعض الأعداء عندهم قدرة على صعود بعض الدعامات والأعمدة، أتربوس قادر على تدميرها لمنعهم، كريتوس قادر على رمي فأسه وهي ميزة أساسية، لكن مازال عليك الاعتماد على أتريوس، خاصة أنه عندما ترمي فأسك تحتاج لاسترجاعه أوّلا، أنْ تطلب من أتريوس أن يُطلق على عدوٍ أو عمود أو حتّى ما هو قابل للإنفجار في البيئة أسهل، ويعطيك مجالا لتشتيت العدو أو ضربه قبل أن تصله حتّى.
تواجد شخصية يُلغي أي شعور بالعزلة، وبتواجد ميمير كذلك، يُصبح التفاعل بين شخصيتين ورأس مقطوع ثرثار مُنفرا أحيانًا، أتريوس وميمر يُعْلمانك ما إنْ كنت ستتلقى ضربة من الخلف رغم أنّ لكل الضربات مؤشرًا، لكن الأسوأ عندما يُعلقان على كل خطوة تقوم بها، “من هذا الاتجاه” “الباب من هنا” “أرى شيء يلمع” “يمكنك استخدام سيفك هنا…” كريتوس قليلًا ما يرد، يتجاوب في حالات ما إنْ كان الحوارُ يحتاج ذلك، لكن في الغالب، الحوارات القصيرة لأتريوس هي مساعدات مباشرة للاعب، يمكنك إلغاء المساعدات أثناء حلّ الألغاز، لكن اللعبة تملك عددًا كبيرا منها لدرجة حتّى هذا لن يُخلصك للأسف منها بشكلٍ كامل.
بين العوالم التسعة
بيئة اللعبة متشعبة وتُشجعك كثيرًا على الاستكشاف، خاصة بعد أن تفتح القارب وذلك لن يأخذ إلّا عددًا قليلا من وقت اللعب، التنقل بالقارب أساسي ويمكنك من التنقل بين الأهداف، عندك بوابات تنقل سريع إن أردت تخطي ذلك، لكن مازال عليك الوصول إليها وتفعيلها قبل أن تتمكن من استخدامها.
عندما تتنقل بقاربك، تقضي وقتا تستمع لحاكايات الرأس وأتريوس وأسئلته لكريتوس وتفاعل الثلاثة، أمرٌ مسلٍّ، كثيرا ما تكون له علاقة بالمهام فيزيد ذلك من انغماسك في اللعب كثيرًا، سماعُ قصص بين ماضي كريتوس وما يحصل في الحاضر أو المتوقع مستقبلًا يعطيك لمحة أكبر عل العالم ومعالمه، ويقدم لك خلفية أفضل على الميثولوجيا دُون حاجة للقراءة عنها، اللكنات قد تعسر الفهم كثيرًا لكن الترجمة العربية تحلّ المشكلة.
هذا العالم قابل للاستكشاف، كثيرٌ من أجزائه اختيارية بالكامل، فبوصولة اللعب في أعلى الشاشة والخريطة التي تصلها بضغط زر إيقاف اللعب (أو زر الوصول السريع في المنطقة القابلة للمسح على يد تحكم بلايستيشن) تُساعدك على الوصول للمهام الرئيسية، كما يمكنك تحديد وجهة لتظهر على البوصلة فتقودك إليها، لكن الاستكشاف مفتوح وأماكن عديدة وكنوز مخبأة وقصص جانبية لا يقودك إليها إلّا الفضول، عندما تصلها تظهر على الخريطة ومنها تعرف ما فيها، غربان أودن، القصص الجانبية التي تجمع بقراءة ملفوفات ورسائل منسية وكتابات على الحيطان، المعادن التي تُطور عن طريقها درعك وأسلحتك، وطبعًا قطع خاصة تزيد طول شريط الحياة والطاقة.
هذه المساحات المفتوحة مُصممة لئلا تُستكشف دفعة واحدة وفور وصولك إليها، ما عندك من أسلحة أو قدرات يتطور، وبها يمكنك الوصول لأماكن مخفية تحتاج أكثر من مُجرد القفز أو التشبث بالحواف أو السلاسل للوصول إليها، قد تكون هذه المسألة مزعجة، لكن لُحسن الحظ عندك الخريطة التي تظهر لك ما تبقى من أشياء تُجمعها في البيئة فتختار العودة إليها إن شئت أو إهمالها، كما أن بوابات التنقل السريع تختصر لك الكثير من الوقت، حتّى وإن كان عليك الوصول لواحدة للانتقال لأخرى.
لا تكشف لك الخريطة كل شيء، وليست خريطة مفصلة على أي حال، بعض الخبايا يظهر مكانها فقط، وبعضها تُخبرك اللعبة أنك لم تكتشفها، لكن اللعبة مبنية لتُشجعك على الاستكشاف وما قلت سابقًا أنها تُغرقك بما تقرأ وتسمع، فإيجاد بعض الأشياء في البيئة يُفعل حوارات مُعينة، وبعضها يقدم تفاصيلًا طويلة يمكنك قراءتها، أو هما معًا، لكن ستحتاج لتستكشف لتقوي شخصيتك وتجمع مايزيد القوة والصحة ويمنحك عدة أفضل.
تحديات البيئة يبنيها نقص القدرات، بما أنّها دُون تحدٍ، القفز أتوماتيكي فلا حاجة لتوقيته، والتشبث بالحواف وسيلة انتقال بين مكان وآخر، يستخدم كريتوس سلسلة سيفيه للتأرجح بها من مكان لمكان أو جر نفسه باتجاه الحافة الأخرى أو صعود علو، لكنّها كاملة دُون تحد بما أنه عليك التأشير عليها وضغط زر لتفعيل التنقل، حتّى وهي دُون تحدٍ، مازالت مبنية بشكلٍ ممتع لا تُعطل اللاعب، بل يمكنك وأنت تجري أن تضغط الزر فور ظهوره لتندفع منطلقًا للأعلى أو الأسفل، هذا يجعل التنقل داخل المراحل سريعًا لا يؤخره أحيانا سوى التسلق، لأنّه في هذه الحالة تتبع مسارًا خطيا بشكل أبطأ، تنفي اللعبة التحدي عن كل ما يمكنك التفاعل معه بما أن كل شيء تتسلقه أو تصعده أو تتجاوز يحمل زخرقة خاصة.
رغم ذلك، هذا التنقل يبني بعض المراحل طولا وعرضا، بشكل عمودي، وقد تطلب منك اللعبة بناء طريقك بشكلٍ ما، بتحريك أداة مُعينة مثلا حيث تصنع لنفسك طريقا، وقد تدمج قدرات أسلحتك لفعل ذلك، تجميد منبع ماء مندفع للمرور فوقه إحدى الأمثلة على ذلك، ألغاز اللعبة لا تعمل بالشكل الذي ظهرت به في بدايات السلسلة، هنا كلها مبنية على البيئة واستخدام سلاحيك، والكثير منها اختياري.
في اللعبة اتزان جيد في تقديم مراحل مفتوحة تستدعي تنقلًا بالقارب أو مزلاج خاص وهو ما ستستقبلك به اللعبة في افتتاحيتها، وبين مراحل خطيّة بشكلٍ أكبر يُذكر بالأجزاء السابقة، كما أنّ ما فيها من تنوعٍ في إيقاع اللعب جيد، تدخل قتالات طويلة بعد مرحلة مُشبعة بألغاز تعتمد على البيئة وما عندك من أسلحة في الغالب، أو قد تضغ لك بينهما عددًا محدودا من الأعداء، بعدها تشد السير وأنت تستمع لحوارات تُخبرك المزيد عن أهدافك أو ماضيك. تفاعل الشخصيات ممتع، تتفاعل معك رغم أن تجاوب كريتوس محدود، فيكون أتريوس في الغالب القناة التي تمر عبرها حوارات كثيرة في اللعبة.
شعرتُ أنْ اللعبة تُضيع أحيانا هذا الإيقاع، ولعلّها مرحلة واحدة بالتحديد في تجربتي مع اللعبة أشعرتني باستهلاك فكرة واحدة بتكرار كبير، زادها ذلك أنّها في مكان زرته قبلًا في الجزء السابق، وأتريوس لا يكادُ يصمت ليُخبرك في كل مرة أنّك كنت هنا وما تغيّر في المكان، زد عليها تعليقه على كل خطوتين تخطوهما، لتحصل على مرافق مزعج جدا، هذا وقد عطلت المساعدات التي مفترض أنها تقلل تلميحاته، أتريوس يأخذ بيدك كثيرا، إن لم تكن تُحب أن تفعل اللعبة ذلك فتجهز لتصبر لتواجده، أمّا إن كنت تريد بعض المساعدة، فأتريوس يُساعد كثيرا بالتمركز قريبا من الحل أو الطريق خاصة إن فعلت المساعدات.
لعبتُ مهام اللعبة الرئيسية والثانوية كذلك، الثانوية قد تخرج عن مسار القصّة، لكنّها تأخذ وقتا كبيرا من عمر اللعبة، ذلك ليس سيئا بما أنّها مُصممة بشكل يُشبه الأسياسية، المُختلف أنّ لها عقدة وانفراجا بعيدين عن المسار الرئيسي لقصة هذا الجزء، فلك الاختيار إن كُنت تُريد الاستمتاع بإنهاء مهامٍ تقدم لك أماكنًا جديدة وقتالات جديدة وطبعا عددًا لا بأس به من المكافآت أم لا تفعل. طول المهام الاختيارية ونوعها يجعل اللعبة أضخم، وربما زاد عمرها عندي 25 ساعة فوق ما تُقدم القصة من ساعات لعب، وإن اخترت إنهاء كل شيء وقد فعلت في بعض العوالم، فقد يكون ذلك مرهقا، خاصة لو استدعى منك الأمر التنقل بالقارب لأنّ حتى التنقل السريع يحتاج تنقلًا وبعض التنقل شاشة تحميل مخفية.
المزيد من الخيال
قد تجدُ ما قلت عن زيارة جديدة لمكانٍ زرته في الجزء الأول إشارة للتكرار، لأكون صادقا لا أتذكر الكثير عن بيئات الأول، لكنّها تغيرت وتبدلت بشكل يجعلها معروفة مع شعورٍ بالمألوف، ومختلفة لتُشعرك أنَ ما فيها جديد، هذا إن صدقنا أتريوس الذي يصف أجزاء كبيرة منها بين ما كانت عليه سابقًا أو ما هي عليه الآن.
لكن لا تخف، هنا ستزور العوالم التسعة، فمازلت ستزور بذلك عددًا كبيرا من البيئات المنوعة الجديدة، بتصميم مختلف، وكثير منها يعتمد على أسلحتك لفتح مسارات للتنقل، وبعدما تفعل ذلك، ستجد غالبا اختصارات للتنقل فيها مستقبلًا بشكل أسرع.
حتّى وهي لعبة مُشتركة بين جيلين، نسخة الحاسوب مُبهرة، تصميم التروس والدروع والمؤثرات البصرية مميزة، ولعلّ أكثر ما أعجبني في الأول رغم عيوبه المتعلقة بتكرار الأعداء، أنّ تصميم الشخصيات وملابسها وأكسسواراتها مُلونة وجميلة، بعضُ شخصيات الجزء السابق متواجدة هنا، لكن عندك شخصياتٌ إضافية كذلك، بعضها آتٍ من قصص الفانتازيا، اللعبة بعيدة عن أن تكون سوداوية أو مُظلمة إلّا في أجزاء قليلة، اللعبة ملونة، ومع إضاءة جميلة، تنعكس هذه الألوان بشكل خلاب يصنع مشاهدا الغرض منها أحيانا فرد عضلات اللعبة التقنية وتمتيع اللاعب بمشاهدٍ فاتنة.
مالت اللعبة كثيرا للفانتازيا كذلك، من يحب عوالم سيد الخواتم ونارنيا مثلا سيجد الكثير مما يعجبه في هذه الأعمال هنا، الاقتباس عن الميثولوجيا يفتح الباب أكثر لتصاميم فريدة وزيادة لا بأس فيها في الاختيارات الفنية للمطورين، وقد استمتعتُ كثيرا في استكشاف عوالم اللعبة ومقابلة الشخصيات والقتال فيها.
لا أحب البيئات الثلجية عادة في الألعاب، الأمر هنا غيرُ مختلف، لكن اللعبة تمتلك مقدارا جيدًا من التنوع في بيئات اللعب، السفر عبرها واستكشافها ممتع، بعضُ هذه البيئات تُقدم معها مظهرا قد يُشعرك أنّك انتقلت للعبة أخرى بين المراحل، اللعبة بشكلٍ عام غنية بالتفاصيل، البيئات المغلقة والمفتوحة وكذلك الداخلية مليئة بالتفاصيل من كل نوع، فيها حياة كذلك، فالكثير من الكائنات في بيئة اللعب من غيرِ الأعداء، طيور وزواحف وكائنات غريبة الشكل.
أرى أنّ اللعبة تُبين عن قدرات فريق التطوير الفنية والتقنية أكثر في البيئات المُخضرة والمُلونة، ربما يبقى ذلك تفضيلًا، لكن مقدار الألوان فيها والتنوع الفني وعدد التفاصيل قد يكون أضعاف ما في البيئات الأخرى، ما يجعلها أجمل بكثير، وهي نفسُ المراحل التي أشعرتني أنّني انتقلت لنسخة جيل آخر.
أفضل لو أنّك لا تطلع على محتوى هذه الفقرة إنْ كنت مهتما باللعبة، هنا سأتحدث عن التنوع وكيف تُحاول اللعبة تصميم أسلوب لعب وقتال ديناميكيين.
حرق - اضغط هنا للقراءة
حرق - اضغط هنا للقراءة
في هذا الجزء، لا تلعب بشخصية كريتوس فقط، بل تعطيك اللعبة التحكم بشخصية أتريوس كذلك، هناك فصول ومراحل مخصصة له بعيدًا عن والده، مع تحكم مختلف، مُقارب لكريتوس حيث لا تحتاج الاعتياد على شيء غير التصويب بما أنّ السهام سلاح أتريوس، عندك هنا مجموعة قدرات إضافية وخصائص خاصة للسلاح، قابلة للتشخيص كذلك، تجعل أسلوب اللعب مُختلفًا بما يكفي ليُضيف المزيد من التنوع.
تتميز اللعبة بأنّها تبدأ كرحلة لأتريوس ووالده، لكنها سريعا ما تأخذ مسارًا مختلفا يفترقان فيه، لا تظل هذه الشخصيات وحدها، بل كل مرة عندك شخصية ثانوية تُشاركك الرحلة، وبهذا يُصبح القتال مُختلفا قليلا، فكما تفعل إن لعبت بكريتوس بإعطاء الأموار لأتريوس لاستخدام سهامه، ستُساعدك الشخصيات الأخرى بقدراتها وهجماتها. فصول أتريوس فيها تنوع كبير من حيث الأحداث، كانت بعضها مُفضلة عندي بشكلٍ كبير، إيقاعها مختلف للغاية، لكنّها مميزة ببضع أفكار قد تكون بسيطة لكنها جميلة. إن كنت قرأت كل هذا ولم تلعب اللعبة، فسأبقي بعض الأسرار دُون وصف لئلا أزيح أي شعورٍ بالتفاجئ عنك وأنت تلعب اللعبة.
ملحة موسيقية مليئة بالأحاسيس
لطالما كانت ألحانُ اللعبة مميزة، ستتعرف على بعض الألحان من الجزء السابق، إنْ كنت معجبا بطريقة التصوير والإخراج باستخدام كاميرا واحدة، فستلاحظ أن بعض الروابط بين الجزء السابق وهذا ترافقها ألحان معهودة، لتخلق رابطة بينك وبين الأحداث كذلك عن طريق النوستالجيا، لكنْ بعضُ المعزوفات فيها مختلفة ربما عن أي شيء سمعناه سابقًا، لا من حيثُ الآلات ولا من حيثُ الإيقاع، هذا الجزء يلعب على جوانب الفانتازيا كثيرا، والألحان تعزف على نفس الوتر، حتّى داخل القتالات، بعضُ الألحان تبدو شاذة عن المعتاد، رُبما تعطيك انطباعا أنّك تقاتل أعداء أقل عداءً من الزعماء وبقية الأعداء الصعاب.
الآلات الموسيقية تُعطي اللعبة وألحانها مسمعًا متفردا، ديناميكية كذلك، داخل المقاطع السينمائية ترتفع حدّتها وتنخفض حسب الحدث أو وقع الكلمات، أثناء القتالات تنطلق ببدئ القتال وتنتهي بانتهائه، لكن لطول القتال، لا تختفي فحسب، بل يكتمل اللحن ما يعطيك انطباع أن القتال خطي ببداية ونهاية ضمن مدة زمنية محددة.
مازلت ستحصل على جرعتك من الألحان الملحمية، إلّا أنه لتواجد عدد كبير من الأحداث التي تركز على العواطف، استخدام الناي وآلات التقليدية أكبر هنا خاصة النيكلهاربا التي صنعت الفارق الأكبر وأعتقد غلب استخدامها على كل القطع التي أعجبتني بشكلٍ شخصي، بعض المعزوفات يرافقها غناء، يجتمع كل ذلك ليقدم والمشاهد تجربة أقرب للشخصيات، عاطفية أكثر، ومميزة وبعيدة عن السلسلة كاملة رغم أنّك ستتعرف لعدد من الألحان معادة التقديم بشكل مختلف هنا.
الصوتيات
أداء الشخصيات لا يعلى عليه، هناك اختلاف واضح جدا في لكناتهم، فأتريوس مثلًا يتسلى بتقليد -أو محاولة – تقليد لكنة ميمير، وميمير يُعلق على استخدام كريتوس لأصوات نفسه وحنجرته دون كلمات معلقا بذلك على ما يُغيضه أو يمسه أوالعكس، هناك روح في الأداء، لكن اللعبة تتميز بإعطاء الشخصيات طبعًا مختلفا تماما، يجعل ظهور كل شخصية مؤثرا بشكلٍ ما لأنّه يعكس الشعور العام.
بعض الشخصيات رزينة، بعضها كارزماتي متلاعب كأودن، بعضها كثير السب أو يعتمد على الهزل بروح خفيفة كالأخوين بروك وسندري (Brok and Sindri) طبعا الأداء يُساعد، لكن بعض الشخصيات تركيبتها أهم من صوتها لهذا ذكرت هذه المسألة.
سواء وأنت تتحرك وتستمع لنصلي كريتوس يلمسان الفأس على ظهره، أو تمسكهما بين يديك فتسمع حركة السلسلة، تفاصيل اللعبة الصوتية فيها شيئ من الإبهار، أثناء القتال تعطيك شعورا بقوّة الهجمة، إن استخدمت ضربة دون سلاح وكانت قوية، حركات الإنهاء، سهام أتريوس، إضافة أن كثيرا منها يعطيك إشارات صوتية لتعبئة قدراتك أو قربك من كنز.
قد تضيع الشخصيات ذلك لأنّها كثيرة الثرثرة، وقد تمنعك من الانتباه لكل هذا، ومؤسف أن اللعبة نادرا ما تعطيك أوقات راحة تخلو فيها اللعبة من أي شيء غير الأصوات والمؤثرات الصوتية.
نهاية ملحمة… نهاية راغناروك
أكثر من ⏱️ 50 ساعة دون إضافة هو الوقت الذي أمضيت في اللعبة، كانت تجربة أحببتها مقارنة بالأول، استمتعتُ بالقتالات والاستكشاف وزيارة العوالم الجديدة، فتحت عددًا لا بأس به الصناديق يصل في بعض العوالم 100% وحاولت إنهاء كل مهمة وقتال اختاري، تعلقت بهذا الجزء أكثر وبشخصياته بشكل أكبر، وعكس الأول، توجهه الفني وتركيزه الزائد على الخيال وكذلك توجهه الموسيقي من مُفضلاتي.
اللعبة مرهقة رغم ذلك وتأكل الكثير من الوقت في التنقل والاستكشاف والقوائم وما تجمع من نصوص مقروءة، اللعبة تأخذ بيدك كثيرًا كذلك من خلال شخصياتها، وهذا يجعلها دُون تحد أثناء التنقل وحل الألغاز في البيئة، الإيقاع يهبط ويصعد بشكلٍ كبير، ويتباطأ أحيانا كثيرة، وربما يقبى حل هذا أن تحاول إنهاء مسار القصة فقط، رغم أن هذا التباطأ فيه أصلًا.
إجمالا، God of War Ragnarök تجربة ممتعة مقارنة بالسابق، هناك من يفضل العكس، لكن شخصيا لا أفعل.
فالهالا
God of War Ragnarök: Valhalla
بعدما تُنهي اللعبة الرئيسية ومن المهم أن تفعل ذلك، يمكنك الانتقال لمحتوى اللعبة المجاني فالهالا، يتلقى كريتوس دعوة لخوض تحدٍ في فالهالا، أيكون ذلك فخًا أو كمينا، كريتوس شبه متأكد من أنه كذلك، لكن من أرسل الدعوة ولما؟ لا يعرف.
فالهالا تأخذك في تجربة مُختلفة عن اللعبة الرئيسية، ولو أنّها مازالت قصصية، إلّا أنها تحتوي مجموعة تحديات بشكلٍ شبيه بألعاب الروج لايك (Rogue-like) اللعبة تستغل نظام القتال وما فتحت من هجمات وقدرات لتقدم لك تحديات تواجه فيها مجموعات من الأعداء.
لا وجود هنا للمساحات المفتوحة والتنقل بينها، لا توجد مهام ثانوية مثلًا، عندك هدف واحد، أن تُنهي الأعداء حيثُ أنت وبعدها تنتقل للموجة التالية منهم وهكذا، ستسلبك اللعبة قدراتك السحرية وتجعل شريط حياتك والغضب قصيرين جدًا، وفي كل غرفة/ساحة قتال، تجد ما يطور خصائصك وقدراتك، وإن مُت تعاود المحاولة من البداية، لكن ما ستجد من قدرات وهجمات مختلف.
بعدما يدخل كريتوس فالهالا أوّل مرة، سيكتشف أنَه كلما أنهى التحدي أو مات، عليه أن يعود من البداية، تمامًا كما في ألعاب الروج لايك، المحتوى بذلك يُركز تركيزا كاملًا على القتال، إن أعجبك فذلك جيد، إن كانت القتالات جزأك المفضل، فلا أرى أن الجوانب القصصية المقدمة عبر حوارات كريتوس مع ميمير وبعض الشخصيات التي تُساعدك ستقدم لك ما تبحث عنه.
عند كل بداية جديدة، يُمكنك اختيارُ قدرة أو هجمة خاصة، أنت مُخير بين أكثر من واحدة، وكلما أنهيت عددًا من الأعداء ستجد صندوقًا (أو أكثر) يقدم لك بشكل عشوائي المزيد من القدرات والهجمات الخاصة، اللعبة تُقطر عليك القدرات والهجمات الخاصة التي حصلت عليها في القصة الرئيسية، لن تمتلكها كاملة لذا عليك أن تختار، الأمر يُشبه الشجرة كذلك، فتح قدرة أو هجمة يعني أنّك ستسير في هذا المسار، والمرة المقبلة التي تحصل على ترقية ستحصل عليها لنفس الهجمة في حين تتخلى كليًّا عن الأخرى.
لا يشمل الأمر التروس، الشكل هنا لن يؤثر ويمكنك فتح المزيد منها، لذا ما تختارُ داخل ساحات القتال هو القدرات والهجمات وأحيانًا بعض الخصائص، اللعبة لا تكتفي بوضعك وسط القتالات بالشكل الذي تفعل في اللعبة الرئيسية، بل قد تعطيك مؤقتا يرتفع فيه مستوى الأعداء بعد انقضائه، قد تُضيف لك تحديا اختيارًا، تجعلك تضحي ببعض الصحة أو الغضب لترقية قدرة مثلًا وهكذا.
التحديات في اللعبة الرئيسية أصعب بكثير من التي هنا، ستقاتل غالبا أعداءً ضعافا ويمكنك أن تهزمهم بسهولة، إن كانت اللعبة تضع لك أحيانًا نفس الأعداء لكن تزيد قوّتهم، فهنا إن لم يكن التحدي كذلك لا تفعل، لذا ليس مفاجئا أن تنهي اللعبة بسهولة كما فعلت في القصة، بشرط أن تختار صعوبة متوسطة أو الصعوبة التي شعرت فيها بمواجهة عادلة.
استمعتُ بالإضافة، عمرها يصل 6 ساعات إلّا إنْ مت، لذا احرص أن تقاتل دون تهور لئلا تُعيد كل شيء من البداية، ليس بداية الإضافة ولكن بداية التحدي الذي أنت فيه، اختر القدرات والخصائص التي تلزمك وتستخدم، ورقها عندما تتيح لك اللعبة فعل ذلك، الإضافة تُركز على القتال كما قلت، لكنهما تمتلك روابطا كثيرة بماضي كريتوس، فيها حوارات كثيرة بين ميمير وكريتوس وشخصيات أخرى، إن كانت هذه الجوانب ممتعة ومهمة لك كلاعب، فلا تُضيع اللعبة.
الآن، إن كنت تهتم ببقية جوانب اللعب، كالتنقل والاستكشاف والعروض السينمائية والتفاعل مع أتريوس، فالإضافة قد تُشعرك أنها مضيعة وقت.