ليست بشعبية شخصيات قصصٍ مصورة أخرى، لكنّ شخصية The Punisher حصلت على حظها من الألعاب، واحدة منها وربما الأشهر، اللعبة التي تحمل نفس الاسم، لعبة إطلاقٍ نارٍ تقليدية، يصفها المعجبون بأنّها قدّمت الشخصية كما يجب، لعبتها، وهذا رأيي.
قد يكون جيدًا أن أشير، أنني لست مُعجبًا بالشخصية، ليس بمعنى أنها لا تُعجبني، لكن بمعنى أنني لم أتابعها، فكثيرٌ من التلميحات للقصص المصورة وحتّى الفيلم ضاعت بسبب ذلك (رغم أني شاهدته) تجربة اللعبة بعد كل هذه السنوات قد لا يكون منصفًا كذلك، لكن أسلوب اللعب عمّر بشكلٍ كامل، وسأعتمد قدرتي على تحمل ألعابٍ قديمة للحكم عليها بإنصاف.
The Punisher أو Frank Castle باسمه الحقيقي يقف بطرقه ضد الإجرام كنوعٍ من الثأر بعد مقتل عائلته، هذه ليست بداية اللعبة، لكنها خلفية عامّة عن الشخصية، أمّا في اللعبة، فستلعب بعد سجن Frank وفي ظل التحقيق معه، ستعيش أحداثًا حصلت في الماضي يرويها وهو على كرسي التحقيق، تتنقل كلاعب بين أكثر من مكان، لتقف ضد أكثر من عصابة من المافيا للياكوزا وعصابة Kingpin، خلال المراحل، ستقاتل جنبًا لجنب أو تقابل بشكلٍ عابر بعض شخصيات القصص المصورة كـIron Man، أو تقف ضد أعداءٍ من نفس العالم، رغم أن هذه الشخصيات ليست بنفس الشهرة والشعبية، ولم أتعرف عليها كاملة إلّا وأنا أبحث عن ردود الفعل تجاه اللعبة من المعجبين.
القصة بسيطة، استجواب الشخصية سبب لنقل اللاعب بين أكثر من مرحلة، تُحاول اللعبة تقديم بعضِ الغموض، تنجح في ذلك، لكن تبقى قصة بسيطة سطحية، لا تسرح بعيدًا عن الهدف الرئيسي للشخصية، تمامًا كما تفعل الكثير من القصص المُصورة وقصص الأبطال الخارقين.
هناك شيء مميز في كونك تلعب بشخصية The Punisher، رغم أن اللعبة تقليدية وتُشبه عددًا كبيرًا من ألعاب جيلها، اللعبة تقتبس الكثير من لعبة Max Payne ويظهر ذلك في بناء المراحل وكذلك أسلوب اللعب، The Punisher قادر على حملِ سلاح أو سلاحين في يد، على أن يكونا من نفس النوع، الاستثناءات قليلة، مع قاذف اللهب وسلاح القنص، أمّا بقية الأسلحة فيُمكنك الاستمتاع بحمل سلاحين لإفراغها على العدو، لأنّ هذا كل ما ستفعله في اللعبة.
– مواجهات مُستمرة
عبر مراحلها الخطيّة، تضع اللعبة أمامك عددًا كبيرًا من الأعداء في بيئات صغيرة، أحيانًا ضمن مسارات خطيّة، تواجه الأعداء وتقتل كل من في طريقك، تبدأ المرحلة وتختارُ سلاحك من بين ما فتحت، سلاح رئيسي كالرشاش، وسلاح ثانوي كالمسدس الذي تحمل منه نُسختين في بداية كل مرحلة، وإن أردت، يمكنك أن تحمل سلاح الأعداء، إن حاولت حمل نفس السلاح الذي بين يديك، ستحصل على واحدٍ آخر، إطلاق النار مُنفصل حيثُ تستخدم زرًا مختلفًا لتُطلق كل سلاح، الأمر نافع بشكلٍ كبير، فبعض الأسلحة كالشوزن (Shotgun) قوية عن قرب طبعًا، لكن تحتاجُ لوقتٍ لتلقيم السلاح، امتلاك سلاحين من نفس النوع يُمكنك من استخدام الآخر وأنت تلُقم الثاني.
لا أعتقد أنّ اللعبة حاولت ابتكار شيء مُميز من خلال أسلوب اللعب، حتّى الاقتباس من Max Payne غير كامل، فالشخصية قادرة على رميِ نفسها بنفس الشكل الذي يُفعل تبطيء الوقت (Bullet time) إلّا أنها هنا لا تفعل، الأمر استعراضي، قليلًا ما يكون نافعًا، خاصة أن شخصيتك ترمي بنفسها في الاتجاه الذي تتحرك إليه، حاولت مثلًا أن أرمي بنفسي من زاوية مُعينة لتقل الأعداء، لكن بما أن الوقت لا يُصبح بطيئًا، فغالبًا محاولة كشف نفسك وقتل العدو والعودة خلف الجدار أنفع، هذا لا يعني أن هذا الأمر غير نافع بشكلٍ كامل، لكنه ليس بدرجة النفع التي حسبتها، لكن الأمر يغدو نافعًا أكثر إن استخدمته كحيلة لتصل خلف حاجزٍ أو صندوق أو خلف جدار لتختبئ من رصاص الأعداء، أو لتجعل الأعداء ممن يملكون أسلحة تُطلق بشكلٍ متباعد كبندقية القنص أو الشوزن يخطئونك، يبقى عليك التجربة ومعرفة الحالات التي تكون فيه هذه الحركة أنفع.
– بهذا يعرف The Punisher
حتّى وإن لم تكن مُجددة بأي شكل، فاللعبة تحتوي نظامًا استجواب وإعدام، خلال المراحل، يُمكنك الإمساك بأي عدو وتحوليه لدرعٍ بشري، يُمكنك استجوابه أو إنهاؤه، أو الاقتراب من واحدة من علامات الإعدام في المرحلة لفعل ذلك بالشكل الذي اشتهرت به اللعبة، اللعبة تُحاول أن تقدم طرقًا مختلفة للإجهاز على الأعداء بهذا الشكل، بعضها يُمكنك تفعليه مرة واحدة، كرمي العدو في حوض أسماك بيرانا أو لأفعى ضخمة أو تشغيل آلة قطع مُعينة، هذه المشاهد العنيفة يُغطيها حاجب بالأبيض والأسود (فليتر) على الشاشة لتقليل العنف، لكن يُمكن إلغاؤه على الحاسب من خلال تعديل المُعجبين.
المواجهات في اللعبة مُباشرة، الكثير من المراحل فيها عبارة عن مسارات خطية مع عددٍ كبير للغاية من الأعداء، اللعبة حرفيًا تعتمد المواجهات بشكلٍ كامل من البداية للنهاية، ولا يكسر ذلك سوى قتال الزعماء، من حُسن الحظ أن نظام التصويب فيها سهل، ويُمكن قتل العدو بشكلٍ سريع إن أصبته في رأسه إلّا إن كان يلبس خوذة، بداية اللعبة سهلة، يُمكنك أن تقف أمام رشاشات ومسدسات الأعداء ولن تموت، لكن لاحقًا، نوعية الأعداء تُصبح أصعب، عددهم أكبر، قتل واحدٍ منهم فقط يُصبح مسألة صعبة وعليك اتقان التصويب لأنّ بعضهم لن يتلق ضررًا كبيرًا لأن درعًا يحميه.
وجدتُ مشكلة مع الأعداء في نهاية اللعبة، هناك دائمًا تكافؤ في قوتك وقوتهم، عدو واحد قادر على قتلك، لذا ستحتاجُ التأني عندما تتوسط اللعبة، وجدت القسم الأول منها ممتعًا أكثر، أمّا الأخير، فمستواه متفاوت، أصبحت أعتمد كثيرًا على امساك العدو ومُحاولة الاختباء رغم أن اللعبة لا توفر لك أي نظام احتماء، يُمكنك أن ترمي بنفسك بعيدًا وأنت تطلق، تأثير ذلك محدود كما ذكرت سابقًا، أو يُمكنك أن تنحني خلف الصناديق، ذكاء الأعداء ليس مرتفعًا، يحتمون ويغيرون مواقعهم كذلك، لكن إن رميت قنبلة فغالبًا ستصيبهم، وحتى الأعداء الذين يحتمون، يعطون نافذة واسعة لإصابتهم عندما يغيرون مواقعهم أو يكشفون أنفسهم لإصابتك.
قتال الزعماء قد يخلق كذلك مشكلة إن لم تنتبه، بعيدًا عن زعيم واحد مقتبس من الفيلم، فطريقة قتال الزعماء تقليدية، تُصوب على أماكن الضعف وتطلق، هناك محاولة لجعل القتالات مُختلفة بعض الشيء، إلّا أن الأفكار الجديدة مربكة أكثر من كونها مُبتكرة، لكن أعجبني أن اللعبة تستغل نظام الاستجواب لخدمة ذلك، وهذا وقت مُناسب للحديث عن ذلك.
– الاستجواب
يُمكنك أن تمسك أي عدوٍ في المرحلة وتستجوبه، شريط الاستجواب يظهر لك تأثير طريقة استجوابك وكذلك شريط حياة العدو، وعليك محاولة الموازنة بين إخافته وقتله، طرق الاستجواب مُختلفة، هدده بالسلاح أو الكمه، أو استخدم ما تقدم لك البيئة، إن لعبت اللعبة على جهاز حاسوب، فقد تعاني مشكلة مع هذا النظام بما أن اللعبة تعمل على معدل إطارات أعلى، بعض الأعداء على رؤوسهم جمجمة، ما يعني أنهم يمتلكون معلومات مهمّة، صندوق ذخيرة، طريقة لفتح بابٍ مغلق، أو نقطة ضعف الزعيم، فكرة جيدة، لكن عليك قتال الأعداء دون أن تقتل العدو الذي تظهر عليه الجمجمة، لأن استجواب عدوٍ آخر لن يقدم لكَ معلومة بنفس الأهمية، بعضهم يعطيك صورة لصفحة من قصص The Punisher المُصورة.
أعتقد أن فكرة الاستجواب هذه مميزة، قتل العدو من خلال مشاهد الإعدام المُختلفة في المرحلة يُعطيك نقاطًا يمكنك صرفها بعد انتهاء المرحلة في تطوير شخصيتك، وستكون هذه الغاية من استخدامها، صرف هذه النقاط في تطوير شخصيتك مهم إن أردت تلقي ضررٍ أكبر قبل الموت والحصول على ذخيرة أكبر، فالأعداء لا يتوقفون عن إطلاق النار، ونقاط الحفظ غير موزعة بشكلٍ جيد، إن مُت ستعود كثيرًا للوراء، ما قد يكون منفرًا، الخطأ أحيانًا أنّك تلقيت ضررًا كبيرًا وفي نفس الوقت ذخيرتك نفذت، فالوقت الذي تُغير فيه لسلاحٍ آخر، تجد أن شخصيتك قد ماتت.
عندك كذلك قدرة خاصة تُفعلها، يُمكنها أن تنقذك في مواقف كهذه، حيثُ تستبدل الأسلحة النارية بالسكاكين، أي عدو قتلته تتلقى عنه زيادة في شريط الحياة، ما يجعل هذه القدرة نافعة في المواقف الصعبة.
تنوع المراحل لا بأس به، من أزقة الشوارع، لجزيرة ووسط فندق فاخر، المراحل فيها ما يكفي من التفاصيل، اللعبة أضعف بكثير من ألعابٍ أخرى صدرت في فترة قريبة، مقارنتها بـMax Payne مثلًا يظهر الفروق الكثيرة، رغم التصميم الممتاز لشخصية اللعب هنا، لباسه مع القميص الذي يحمل جمجمة هو الرئيسي، لكن يتغير أحيانًا حسب المراحل، كلها تعطيها هيبة، خاصة مع معطفه القاتم وسلاحين رشاشين 😎
الصوتيات جيدة كذلك، ممثل الشخصية في الفيلم يستعيد دوره هنا، قد تشعر أن الأداء بارد طوال اللعبة، لكن الشخصية على هذا الحال، خاصة أنها مبنية على القصص المصورة، والقالب الهوليودي للعبة يصل المقطوعات الموسيقية كذلك، ممتازة، وبما أنّ كل اللعبة حركية وكل ما فيها هو القتال، فالموسيقى كلها على نمطٍ واحد.
ظلت اللعبة على قائمتي لفترة طويلة، أخذت مني 9 ساعات لإنهائها، هي لعبة إطلاق نارٍ تقليدية، تعرف ماذا تُريد تقديمه وتُحسن فعل ذلك، اللعبة أعطت الشخصية حقّها، لكنها تُعاني من قتال زعماء مُتعب أكثر من كونه مبتكرًا، مع نظام استجواب قد يكسر حركية اللعب.